مدخـــل
المنهج التاريخي وأهميته:
عرفه عماد الدين خليل على أنه "حشد الطاقات وتجميعها والتنسيق بين معطياتها لكي تصب في الهدف الواحد، فتكون اغنى فاعلية وأكثر قدرة على التجديد والإبداع والعطاء.
وهو الوسيلة للوصول إلى الحقائق باعتبارها وقعت بالفعل وتحويلها إلى صورة منطقية في الذهن تترجمها الأقلام على الأوراق ويعرف المنهج التاريخي على أن هو المراحل التي يسير خلالها الباحث حتى يبلغ الحقيقة التاريخية.
وقد أكد الباحثون على اختلاف مشاربهم ورؤاهم على أهميته باعتباره الوسيلة نحو ادراك الهدف المأمول إنجازه أو نحو بلوغ الحقيقة التاريخية، ولأنه لا يمكن فصل الفكر عن المنهج لأن المنهج يستهدي بالفكر من ناحية ومن ناحية أخرى يقوده، وبما أن للمنهج دورة كبيرة وخطيرة في حركة الإنسان الفكرية والحضارية.
ازدادت الأهمية للمنهج "حتى صار ضربة لازب، إنما أردنا بحق أن نستعيد معطيات هذا التاريخ" .
لمحة سريعة عن تطور المنهج التاريخي في الحضارة الإسلامية، التي كان للإسلام الدور البطولي في صياغتها والمحرك في أفعالها لذا من الطبيعي أن تظهر المحاولات الأولى متأثرة بالواقع العقدي والفكري الذي عاشه المسلمون في الفترة الأولى، حيث كان علم الحديث المسيطر في ضبط الروايات التاريخية وذلك وفق منهج الجرح والتعديل، إلا أنها لم تحظى بما حظى به الحديث الشريف .
وبمرور الزمن تراكمت معارفهم التاريخية كما وتعددت صنوف الكتابة التاريخية، تجسد هذا التراكم المعرفي في ظهور أنماط متنوعة من الكتابة التاريخية إن التقدم الذي حدث في بنية علم التاريخ ومناهجه البحثية كان يمثل نقلة نوعية تجاه الاستقلال المنهجي من علم الحديث والعلوم الشرعية الأخرى، لأن أوعية المصادر التاريخية قد تجاوزت روايات الإخباريين وأمست تشمل المعاينات الحية والمصادر المكتوبة والنقوش والآثار"، ومع ظهور القرن الثامن الهجري، عندما ظهر العلامة ابن خلدون بلغ المنهج التاريخي ذروته في تلك الفترة.
ولكي لا نستطرد كثيرا نكتفي بذكر محاولتين مبكرتين رائدتين في مجال تطور المنهج التاريخي وباختصار شديد- وهما محاولة أبو بكر ابن العربي وابن خلدون من خلال معالجتهم للأحداث التاريخية نستطيع أن نلمس ملامح المنهج التاريخي، حيث أن ابن العربي في كتابه يرفض الصيغة الاستسلامية في التعامل مع الروايات وينبه ويدعو الي اتخاذ موقف نقدي من هاته الروايات ورفضها إن تطلب الأمر ذلك، وابن خلدون يلتقي مع ابن العربي في الدعوة إلى عدم التسليم لمعطيات مؤرخينا القدماء
تحميل المذكرة