
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
المبحث الثاني: التلوث في الصناعة البترولية.
المطلب الأول: التلوث في مرحلة التنقيب والاستخراج.
في الصناعة البترولية الاستخراجية هناك عمليتان أساسيتان يمكن أهما التأثير على البيئة وهما التنقيب (حفر الآبار ) و استخراج المحروقات ،وذلك من خلال إنتاج كمية معتبرة من النفايات التي تندرج في ثلاث فئات عامة وهي : المياه المنتجة الناتجة عن عملية الاستخراج ونفايات الحفر والنفايات الأخرى، حيث أن كل فئة من هذه النفايات تحتوي على مجموعة من المكونات كالغازات و المواد المعدنية والكيميائية وبعض المواد المشعة التي تسبب تأثير بالغ على الهواء ، الماء ، التربة ومن ثم على الكائنات الحية ،لذلك كان لابد من التطرق الى هذه الفئات
1- نفايات الحفر :
إن النفايات الناتجة عن نفايات الحفر تتمثل أساسا في وحل (طين الحفر )وبقايا الحفر المستخرجة من باطن الأرض والتي قد تحتوي على مجموعة من الملوثات مثل النفط العالق بها وبعض المعادن والمواد المشعة ،ويعتبر وحل الحفر أهم نفايات مرحلة حفر الآبار البترولية والغازية ،وهو يمثل تلك الموائع المستعملة خلال الحفر وتشتمل على المائع الأساسي وبعض المواد اللزجة وغير ذلك من الإضافات التي قد تشمل مواد مثبطة للتآكل ،أو أحماض أو قواعد أو مواد مانعة للرغوة أو مبيدات.
ويلعب وحل الحفر دورا هاما يتمثل خاصة فيمايلي :تبريد آلة الحفر وتزييتها ،تفريغ مخلفات الحفر،المحافظة على جدران البئر تجنبا للانهيار ، تجنب التدفق العنيف للنفط و الغاز ، سد الشقوق لمنع تسرب الماء
إن سوائل الحفر قد تكون ذات قاعدة مائية ،والتي تحتوي على المركبات السالفة الذكر ،وقد تكون ذات قاعدة زيتية ويكون أساس تكوينها نفط خام أو مكرر أو ديزال أو كيروسين أو زيتا معدنيا ،وتكون سوائل الحفر ذات القاعدة المائية هي الأكثر استعمالا،إذ تستعمل بحوالي 85% من الآبار المحفورة ،كما أن السوائل ذات القاعدة الزيتية تكون مرتفعة الأثمان مقارنة بالسوائل ذات القاعدة المائية كما أن تأثيرها على البيئة يكون أكبر.
لقد أظهر التحليل الكيميائي لنفايات التنقيب أن المكونات الرئيسية تشمل بنزين ،رصاص ، باريوم ،و فلور و زئبق ،فضلا عن بعض النفايات الأخرى مثل بقايا المذيبات ،وزيوت المحركات ،ونفايات نفطية ومياه التبريد، وموائع هيدروليكية ،مبيدات ،ميثانول ،بالإضافة الي بعض المواد المشعة المتواجدة في أي مكان على الأرض أو التي تنتج نتيجة بعض الأجهزة المستعملة وتدخل بذلك في تركيب وحل الحفر او ركام الحفر(الصخور و الأتربة )التي يتم استخراجها من البئر
2- المياه المنتجة:
في مرحلة الإنتاج يكون تولد النفايات بصورة رئيسية على هيئة مياه منتجة ،وهي تلك الموائع التي تنبثق من تحت سطح الأرض مع البترول ،ويتم فصل هذه المياه عن البترول ثم يعاد ضخها أو تعالج لتخفيف محتواها من البترول ثم تصرف في أماكن الصرف ،وتشير التقديرات انه يتم صرف 90 مليون طن كل سنة في بحر الشمال
إن المياه المنتجة تحتوي على مجموعة من المواد الصلبة المنحلة و الأكثر شيوعا هي :كلوريد الصوديوم ،ويتراوح تركيز هذه الأملاح في المياه المنتجة بين 5000الى 180000جزء من المليون ،علما أن مياه البحر تحتوي على 35000 جزء في المليون .
(3) – أضواء على التلوث البيئي ( بين الواقع والتحدي والنظرة المستقبلية )- د. أحمد عبد الفتاح محمود عبد المجيد و اسلام ابراهيم أحمد ابو السعود – كلية الزراعة – سابا باشا – جامعة الاسكندرية .2007 .
بالإضافة الى أن الأملاح المنتجة تحتوي على مستويات مرتفعة من بعض المواد الصلبة المنحلة والعالقة كالكالسيوم و المغنزيوم و البوتاسيوم مع كميات اقل من الألمنيوم و القصدير و الذهب والرصاص.....مع مستويات منخفضة من المواد المشعة .
3 – الانبعاثات الغازية
هناك نوع آخر من النفايات الناتجة عن عملية الحفر والاستخراج وهي الانبعاثات الغازية ،والتي تتضمن بصورة رئيسية أكسيد النيتروجين ،أكسيد الكبريت ،ثاني أكسيد الكربون ،المركبات العضوية المتطايرة
إن هذه الانبعاثات قد تكون ناتجة عن عدة مصادر أهمها :
- احتراق الوقود أو الغاز المستعمل لتشغيل المحركات.
- عملية المعالجة الحرارية، ومولدات البخار المستعملة خلال عملية الاستخراج.
- الانبعاثات غير المتوقعة: نتيجة تسربها من احد الأجهزة المستعملة كالصمامات أو من الآبار..الخ.
- حرق الغازات المصاحبة التي يتم استخراجها مع البترول الخام من خلال المشاعـل ،وهي الطريقة المستعملة عادة للتخلص من الغازات غير المرغوبة التي تصاحب عملية إنتاج المحروقات.
المشاكل البيئية لعملية التنقيب و الاستخراج:
إن عملية حفر الآبار وإنتاج البترول و الغاز صعبة وخطيرة ،وهي اشد خطرا في المناطق البحرية ويكمن الخطر في التسرب و الثوران و الانفجارات ،ففي كثير من الأحيان تنتج عن عملية استخراج المحروقات تلوثا للبيئة المحيطة بالمكان و الآبار ، وقد يحدث هذا التلوث نتيجة لارتكاب بعض الأخطاء في عملية الاستكشاف ،أو عند استخراج البترول من آبار على شواطئ البحر ،ولا يقتصر تأثير هذه العمليات على البيئة المحلية فقط ،بل يمتد الى المناطق المجاورة مشكلا بذلك مشاكل بيئية عالمية
1- التأثير على الماء :
إن الصناعة البترولية الاستخراجية تؤثر على المياه بصورة كبيرة حيث تنعكس مباشرة على المياه الجوفية والمياه السطحية من انهار ومحيطات وبحار وذلك نتيجة الكميات الكبيرة من النفايات المتولدة عن هاتين المرحلتين كسوائل والمياه المنتجة ومخلفات الحفر (ركام الحفر) التي قد تكون في بعض الأحيان مشعة كما تحتوي على مواد أخرى ملوثة ،والتي يتم رميها في المياه السطحية وتبقى راكدة لفترات طويلة مسببة بذلك مصدرا دائما للتلوث، إضافة الى تلويثها للمياه الجوفية نتيجة أساليب الطرح الحديثة كما أن المياه الجوفية يمكن أن تتلوث نتيجة لانهيار الآبار كما حدث في حوض بركاوي بورقلة.
إن وحل الحفر هو المصدر الرئيسي للتلوث خلال عمليات التنقيب ، وعند الانتهاء من أعمال الحفر المستمر فان الحاجة تدعوا الى التخلص من 400طن/سنة من هذا النوع من الوحل من منطقة الحفر الواحدة، أما خلال عمليات الإنتاج فان المصدر الرئيسي للتلوث هي المياه المنتجة التي يجب إزالتها قبل نقل النفط لخطوط الأنابيب ،وأغلبها يحقن داخل آبار للطرح أو يعاد استعماله لتنشيط استعادة النفط ،ولكنه أيضا يصرف في المياه السطحية والمحيطات وحفر التخزين ،وأحيانا وحـسب محتواه من الأملاح يستخدم في الري. ومن ثم تتأثر الكائنات المائية والأرضية سلبا طبقا لكمية النفايات وتركيز الملوثات .
أ – التأثير على المياه الجوفية:
يمكن لعمليات حفر آبار النفط والغاز واستخراجهما أن تتسبب في حدوث التلوث ، فالنفايات المتولدة خلال عمليات الحفر والإنتاج تخزن في حفر تعرف بالحفر السطحية وتتضمن هذه الأخيرة مجموعة متنوعة من البرك والمستنقعات وأحواض تستخدم لطرح النفايات السائلة التي تحتوي على مستويات عالية من الأملاح وغيرها من الملوثات مثل الباريوم الذي يرشح الى المياه الجوفية المسببة للتلوث.
ب- التأثير على المياه السطحية :
تتلوث هذه المياه نتيجة الانفجارات التي قد تحث اثناء عمليات التنقيب والاستخراج مسببة تدفق زيت البترول الخام في المياه لفترات طويلة مع العلم أن أنظف بئر بترولي تتسرب منه كمية من النفط تقدر نسبتها بـ 0.5% .
ج- التأثير على الكائنات الحية :
هذا من خلال زيت النفط الملقى في البحار حيث تتأثر به الطيور البحرية والأسماك من ثم على صحة الإنسان . 2- التأثير على الهواء :
لقد أصبح تلوث الهواء من اكبر المشاكل البيئية هذا من خلال الصناعة البترولية الاستخراجية وان كانت هذه الصناعة لا تساهم بنسبة كبيرة في تلوث الهواء مقارنة بالصناعة التحويلية من تكرير وغيرها.
إن تلوث الهواء ناتج عن الانبعاثات الغازية المصاحبة لعمليات الحفر و الاستخراج والناتجة بالأساس من احترق الوقود أو الغاز المستعمل لتشغيل المحركات والمولدات المستعملة خلال عملية الاستخراج ، وكذا عمليات إحراق والتخلص من الغازات غير المرغوبة والتي تظهر الى السطح مع البترول المستخرج بالإضافة الى كثير من العمليات الأخرى التي قد يتلوث الهواء نتيجة تبخر الأجزاء الطيارة من البترول المنتشرة فوق سطح المياه .
إن أهم المواد المنبعثة خلال عمليات الحفر والاستخراج تتمثل في أكسيد النتروجين والكبريت ، ثاني أكسيد الكربون والهيدروكربونات المحترقة جزئيا ،هذه الأخيرة لها تأثيرات بالغة الخطورة على الكائنات الحية.
3-التأثير على التربة :
إن عمليات الحفر تؤثر على التربة عن طريق إثارة الأرض واحتمالات انسكاب النفط أو المياه الملوثة أو الزيوت المستعملة في المحركات ، فعند بدء عمليات الحفر لابد من إعداد المنطقة وانجاز حفر النفايات وغيرها من العمليات المصاحبة ، إذ أن كل بئر يحتاج الى حفر احتياطية لطرح نفايات الحفر ، ففي عام 1975م قدرت وكالة حماية البيئة أن هناك 70الف حفرة احتياطية قد شيدت في الولايات المتحدة الأمريكية اغلبها بدون بطانة .
إن مواقع الحفر والإنتاج عادة ماتكون معقمة بمبيدات لمنع نمو النباتات حول البئر للتقليل من آثار الحرائق عن حدوثها ، وحسب التراكيز المستعملة من هذه المبيدات فأن الأراضي يمكن أن تبقى قاحلة لعدة سنوات . 4- تأثيرا أخرى :
إضافة الى تأثير الحرائق الغازية التي تحدث أثناء عملية الحفر والاستخراج أو ما تتسبب به الحروب من تأثير على البيئة ، حيث تم بعد حرب الخليج حرق المئات من آبار البترول إضافة الى تسرب حوالي 8 ملايين طن من النفط في مياه الخليج .
ونشأت من حرائق البترول سحابة كثيفة من الدخان حجبت الشمس عن سماء الكويت وجعلت الحرارة تنخفض الى 10درجات مئوية تحت المعدل ووصل تأثير التلوث البيئي الى مدينة موسكو التي تبعد أكثر من 3000كلم ، كما أدت الى سقوط أمطار وثلوج سوداء فوق إيران، الهند والصين .
ناهيك عن التلوث الحسي للصناعة البترولية الاستخراجية وهو عبارة عن التأثيرات غير المرغوبة على الإنسان كالضجيج فإن العاملين بالموقع يتعرضون لمخاطر مختلفة نتيجة ذلك من اضطرابات نفسية أو عصبية .... الخ.(4)
المطلب الثاني : التلوث في مرحلة النقل.
ناقلات البترول .. مسامير في نعش البيئة:
تمتعض البيئة وهي تشاهد حوادث غرق ناقلات النفط في أحشائها المائية مثل حرابٍ مسمومةٍ تنغرس في جسدها أو كمسامير تُدَقّ في نعشها! فوحدها تتسبب في تسرب ما يصل إلى مليوني طن سنوياً من الزيت الخام إلى مياه البحار والمحيطات , ويأتـي ما حدث من تسرب كميات هائلة من النفط على مقربة من الساحل الشمالي الغربي لإسبانيا في 19 نوفمبر 2002 كحلقة مفزعة من حلقات مسلسل التسربات النفطية من الناقلات المتصدعة والغارقة.
انشطرت ناقلة النفط اليونانية "بريستيج" إلى نصفين بسبب عاصفة شديدة غرقت على أثرها في المحيط الأطلسي حاملة 77 ألف طن من زيت الديزل إلى قاع المحيط ,مهددة بأضرار بالغة للحياة البرية والمصائد البحرية بعد تسرب البترول الذي تحمله الناقلة إلى السواحل الإسبانية . وقد تدفقت، وفقاً لوكالات الأنباء، آلاف الأطنان النفطية من الناقلة بعد غرقها مما أدى إلى تلويث أكثر من 100 شاطئ و نفوق نحو 250 طائراً من 18 نوعاً , وإصابة الحياة البحرية في إسبانيا بخطر كبير، إضافة إلى منع الصيد في مساحة تتجاوز 400 كيلو متر من السواحل.
ويـهدد انتشار تسرب زيت الديزال -البالغ حتى الآن أكثر من 20 بقعة ذات لون بني وشكل دائري وكثافة كبيرة يبلغ قطر كل منها ما بين متر وأربعة أمتار - بانقراض مخزون الأسماك والمحار المهم للاقتصاد المحلي في منطقة واسعة قبالة سواحل إسبانيا إذ يعتمد فيها نحو 60% من السكان على الصيد كمصدر رئيسي لرزقهم. فقد أدى هبوب الرياح والطقس السيئ إلى إفشال جهود السلطات الإسبانية الرامية إلى منع تقدم بقعة الزيت نحو الشواطئ واليابسة بإقليم جاليسيان،و رغم الجهود الضخمة المبذولة لتنظيف الطرق والمنشآت التي غطتها طبقة كثيفة من النفط تتوقع جهات مسئولة أن تستغرق عمليات التنظيف نحو ثلاث سنوات، وأن المنطقة لن تعود إلى ما كانت عليه في السابق قبل مرور عشر سنوات على الأقل!
الناقلات ملوِثه :
وتعد ناقلات البترول بحوادثـها المتكررة وبممارساتـها الخاطئة كإلقاء النفايات والمخلفات البترولية في المـاء من الملوثات الخطيرة للمياه وللبيئة عموماً. ويرى الباحث الدكتور " محجوب عمر" في دراسة له حول التلوث النفطي للمياه بإشراف "الهيئة العامة للبيئة" في ليبيا , أنه يصعب التحكم في التلوث النفطي البحري أو منع انتشاره حيث إنه خطر عائم ومتحرك يتحكم فيه اتجاه الرياح وعوامل المد والجزر وشدة الأمواج وبذلك تصعب السيطرة عليه.
ويقول الدكتور محجوب: تشكل الملوثات النفطية أخطر ملوثات السواحل والبحار والمحيطات و أوسعها انتشاراً حيث إن 20% من النفط المنتج عالمياً يستخرج من أعماق البحار لذا فأي من الأسباب التالية يؤدي إلى التلوث المائي بالنفط :
* الحوادث البحرية والتي من أهمها ارتطام ناقلات النفط بالشعاب المرجانية أو بعضها ببعض أو غرقها.
* الحوادث التي تحدث أثناء عمليات الحفر والتنقيب في البحار و المحيطات.
* تسرب النفط إلى البحر أثناء عمليات التحميل والتفريغ بالموانئ النفطية.
* اشتعال النيران والحرائق بناقلات النفط في عرض البحر.
* تسرب النفط الخام بسبب حوادث التآكل في الجسم المعدني للناقلة.
* إلقاء مياه غسل الخزانات بالناقلات بعد تفريغها في البحر.
* لقاء ما يعرف بمياه الموازنة الملوثة بالنفط في مياه البحر، حيث يتم ملء الناقلة بعد تفريغ شحنتها من النفط بنسبة لا تقل عن 60% من حجمها للحفاظ على توازن أو اتزان الناقلة أثناء سيرها في عرض البحر خلال رحلة العودة إلى ميناء التصدير.
* تسرب البترول من ناقلات النفط بسبب الحوادث من الآبار النفطية البحرية المجاورة للشواطئ.
* تسرب النفط إلى البحر أثناء الحروب كما حدث في حرب الخليج الثانية.
التسربات .. سرطان عائم :
تهدد التسربات النفطية الكائنات الحية البحرية بصفة عامة في المناطق المتضررة كالأسماك والسلاحف والطيور والشعاب المرجانية وغيرها من أحياء البحار والمحيطات. حيث إنه نظراً لتصاعد وتسامي الكثير من الأبخرة المختلفة من بقعة النفط التي تطفو على سطح الماء، فإن التيارات الهوائية تدفع بهذه الأبخرة بعيداً عن الموضع الذي تلوث بالنفط إلى الأماكن السكنية على الشواطئ والمناطق الساحلية بواسطة الهواء الذي يصبح مشبعاً بها إلى درجة كبيرة وبتركيز عال فوق المقبول مما يؤثر على النظم البيئية البحرية والبرية. كما أن زيت النفط يحتوي على العديد من المواد العضوية التي يعتبر الكثير منها مسمماً للكائنات الحية، ومن أخطر تلك المركبات مركب البنـزوبيرين (Benzopyrene) وهو من الهيدروكربونات المسببة للسرطان ويؤدي إلى موت الكائنات الحية المائية.
ومن جهة أخرى، فلأن كثافة النفط أقل من كثافة الماء فهو يطفو على سطح الماء مكوناً طبقة رقيقة عازلة بين الماء والهواء الجوي، وهذه الطبقة تنتشر فوق مساحة كبيرة من سطح الماء مما يمنع التبادل الغازي بين الهواء والماء فلا يحدث ذوبان للأكسجين في مياه البحر مما يؤثر على التوازن الغازي، كما تمنع الطبقة النفطية وصول الضوء إلى الأحياء المائية فتعيق عمليات التمثيل الضوئي التي تعتبر المصدر الرئيسي للأكسجين والتنقية الذاتية للماء مما يؤدي إلى موت كثير من الكائنات البحرية واختلال في السلسلة الغذائية للكائنات الحية. أضف إلى ذلك أن النفط المتسرب يتسبب في تلويث الشواطئ الساحلية نتيجة انتقاله لمسافات بعيدة بفعل التيارات البحرية وحركة المد والجزر، كما تتجمع بعض أجزائه على شكل كرات صغيرة سوداء تعيق حركة الزوارق وعمليات الصيد بالشباك وتفسد جمال الشواطئ الرملية وتتلف الأصداف البحرية والشعاب المرجانية مؤثرة على السياحة في تلك المناطق. كما أن المركبات النفطية الأكثر ثباتاً تنتقل عن طريق السلسلة الغذائية وتختزن في أكباد ودهون الحيوانات البحرية، وهذه لها آثار سيئة بعيدة المدى لا تظهر على الجسم البشري إلا بعد عدة سنوات.
وداعاً .. للأسماك والثدييات :
وتوضح الدراسات أن الخليج العربي هو أكثر بحار العالم تلوثاً بالنفط، وأن الكائنات الحية في منطقة الجزيرة العربية مهددة، فهناك ما يقارب أربعة أنواع من الثدييات و21 نوعاً من الطيور و40 نوعاً من الزواحف وثلاثة أنواع من الأسماك مهددة بالانقراض تماماً! وقد شهد الخليج العربي عدداً من حالات التسرب النفطي تعد الأكبر والأسوأ على مستوى العالم خلال السنوات السابقة، ويمثل النفط المتسرب من الناقلات 28% من إجمالي النفط المتسرب إلى مياه الخليج العربي والذي يبلغ معدله حوالي 140 ألف برميل سنوياً.
أما بالنسبة للبحر المتوسط الذي تطل عليه كثير من الدول العربية، فيبلغ ما يتسرب سنوياً من النفط إليه ما يقارب 600 ألف مليون طن. وبناء على تقرير حديث صدر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة فإن 4% فقط من المناطق التي تنمو فيها المحاريات (الحيوانات الصدفية المائية) في البحر المتوسط تُنتج في الوقت الحاضر مأكولات بحرية صالحة للإنسان!
وكان التقرير العالمي الثالث لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة قد ذكر في وقت سابق أن كوكب الأرض يقف على مفترق طرق، فربع الثدييات في العالم و12% من الطيور تواجه بالفعل خطر الفناء، وبحار العالم معرضة بالفعل لتهديد حقيقي بسبب التلوث، وثلث المخزون العالمي من الأسماك يصنف الآن باعتباره ناضباً أو معرضا للخطر!
تحميل البحث كامل: